جريمة التفاوض
- بدأ الانقلاب وما تلاه بمعادلة صفرية لا وجود للطرف الآخر فيها على الإطلاق.
- بدأ الحديث عن مفاوضات ووساطات لحل "الأزمة السياسية" !!
- كلمة "أزمة سياسية" كلمة ذات دلالة كبرى في الصياغة.. إذ تتحول (كل) الحقوق إلى "استحقاقات سياسية" يتم التفاوض عليها.
- تكرار الحديث عن "الأزمة السياسية" مقصود به تحديد مجال التفاوض، وبنوده، وشروطه.. ويأتي دور الإعلام هنا في تشكيل الوعي، مثل الحديث عن سوريا يقولون: "الأزمة السورية" "الملف السوري" فتُختزل قضية قتل أكثر من ربع مليون إنسان، وتدمير بلد بأكمله، وتشريد ملايين الأطفال في كلمة واحد.. أزمة !.
- مصطلح "الأزمة الحالية" قبوله وتمريره يعني:
- المعادلة لم تعد صفرية.
- التفاوض قادم لا محالة.
- إضفاء الشرعية على كل فريق في التفاوض، والاعتراف الضمني به.
- والصورة هي:
- طرفي التفاوض: دولة مصر متمثلة في الطبقة الحاكمة ( طبقة الرأسماليين العسكريين - رجال الأعمال - القضاء - الإعلام ) من جانب، و(التحالف الوطني لدعم الشرعية بقيادة الإخوان) من الجانب الآخر.
- مجال التفاوض: التحول من "المعادلة الصفرية" إلى "المعادلة المتوازنة" حسب قوة كل فريق على الأرض، إذ الدبلوماسية والتفاوض لا يعني الترضية والحب والاقناع والتوافق.. إنما يعني التفاوض على أساس القوة المكتسبة على الأرض سواء بحق أو بغير حق، ويأتي التفاوض ليضبط موازين القوة حتى لا يخسر الجميع.
- بنود التفاوض: تمسك الطبقة الحاكمة بامتيازاتها - عودة الشرعية.
- أهداف التفاوض: من جانب العسكر: إزالة حالة الاحتقان في الشارع وإنهاء المظاهرات وغيرها . من جانب التحالف الوطني: الحصول على استحقاقاتهم السياسية ونصيبهم من الديمقراطية.
- نتيجة التفاوض: هي خارطة طريق الانقلاب الأولى التي أُعلنت في يوم الانقلاب.. وأتوقع العودة للانتخابات وتكون النتيجة كالآتي.. الرئيس: من الطبقة الحاكمة. والبرلمان: للإخوان. وخروج السيسي والرئيس مرسي بطريقة تُرضي كلاهما ! إذ كلاهما يُمثل أكبر عقبة في التفاوض.
من هذه الصورة نجد أن الحديث عن مصر نفسها غائب، فالتحالف الوطني بكل فعالياته لا يتحدث إلا عن: الشرعية وعودة المسار الديمقراطي!! إذن..
- لا حديث عن سرقة 20,6 مليار دولار من احتياطي النقد في الفترة الانتقالية.
- لا حديث عن سرقة 600 مليار جنيه خلال 3 أشهر تلت الانقلاب.. ووصول الدين المحلي 1.8 تريليون جنيه.
- لا حديث عن القرارات التي تلت الانقلاب من بيع آلاف الأفدنة من الأراضي المصرية.
- لا حديث عن آلاف القتلى والشهداء في 25 يناير، وفي أحداث الانقلاب.. يمكن اختزال الحديث عن هؤلاء القتلى والشهداء بمثل ما حدث في 25 يناير (التحقيقات جارية، ولجنة تقصي الحقائق، وإتلاف الأدلة، ثم يطوى الملف في غياهب النسيان).
ومن العجيب أن يكون هذا الحال هو نفسه أثناء الفترة الانتقالية لحكم المجلس العسكري قبيل الانتخابات الرئاسية !! وإذا تحدث أحد عن حقوق.. ستكون الإجابة: عودة الشرعية ستحل جميع المشكلات، مثلما قالوا من قبل عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
إذن عودة المسار الديمقراطي يعني:
oانتخاب رئيس من الطبقة الحاكمة أو بموافقتها ليحافظ على امتيازات ومصالح تلك الطبقة سواء الامتيازات الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية. وكذلك المحافظة على هوية الدولة العلمانية، ومصالح أمريكا، وأمن إسرائيل.
o وحصول الإخوان على البرلمان: وتصدير كل مشاكل ما يزيد عن 90 مليون مواطن إليهم، مع دولة تم تجريفها وسرقتها بالجملة من كل النواحي. !
لذا يكون هذا التفاوض جريمة، ومن تاريخ الإخوان السياسي.. يجعل الاحتمال بقبول هذا التفاوض أمر متوقع جداً. وقبول التفاوض يعني الانسحاب من الشارع تدريجياً..
فهل تملك قوى ثورية أخرى غير التحالف أن تغير في المعادلة شيء؟
الحقيقة لا، فتيار الإسلامي الثوري يتبع الإخوان.. ورغم الأطروحات القوية للسلفية الحركية إلا أنها في النهاية إما قلباً وقالباً مع الإخوان، وإما قالباً معها، والمحصلة - في النهاية - واحدة "تابعة" للإخوان سياسياً وحركياً، وبالتالي فلا يُتوقع أن تنفرد وحدها بالمواجهة ! ولكن الأمل في الشباب الثوري الإسلامي النقي مازال كبيراً.
إن الحقوق التي لا تقبل مجال للتفاوض هي:
- تفكيك طبقة الرأسماليين العسكريين - ورجال الإعمال - والقضاء - والإعلام، وتنفيذ عملية تطهير ثوري من الجذور.
- استخلاص الجيش والاقتصاد والإعلام من نفوذ وهيمنة أجهزة المخابرات الأجنبية والصهيوصليبية.
- تأميم أموال الجنرالات العسكريين، وتأميم أموال رجال الأعمال الذين سرقوا دماء وعرق الشعب، وحصلوا على أموالهم بطرق النهب، والفساد، والرشوة، والتحايل، والظلم، والاحتكار، والصفقات المشبوهة، وخضوع جميع كبار مسؤولي الدولة لمراقبة أموالهم.
- محاكمة من قتل وسفك الدماء البريئة محاكمة عادلة ناجزة بقوانين ثورية حقيقية.. لا قوانين صُنعت خصيصاً لحماية الفساد والمفسدين..
وغيرها الكثير...
ولكن هل نملك أي قوة على الأرض لنحصل بها على تلك الحقوق؟
مجرد سؤال !!
وهذا هو الطريق.. الثورة الإسلامية.
كُتبت في 25 /10/ 2013 م
تعليقات
إرسال تعليق