خطاب سياسي إسلامي
خطوة واحدة خارج المنطقة الرمادية باتجاه الإسلام.. خطوة واحدة في عزة واستعلاء ويقين؛ كفيلة بقلب كل الموازين لصالح الإسلام والمسلمين.
* وضع الأمة:
السيادة لشرع الله، والسلطة للأمة = الخلافة الراشدة ( الحكم الراشدي ).
السيادة لشرع الله، والسلطة للقبيلة أو العائلة = ملك عضوض ( انتهى تاريخياً ).
السيادة للقانون الوضعي، والسلطة للمحتل = ملك جبري وطواغيت ( الوضع الحالي ).
والأمة مفروض عليها أن تعمل لإعادة الحكم الراشدي.
هذه مفردات الخطاب "السياسي" الإسلامي الذي يجب أن تخاطب به الأمة، وهذه المفردات وحدها - دون غيرها - وحدها هي التي تستطيع أن تُخرج الأمة لتعود خير أمة أخرجت للناس.. أما والذي رفع السماء بلا عمد لو ظلت آلاف السنين تطنطن حول غيرها من المفردات الوضعية كالديمقراطية وغيرها، فلن تصل لشيء.
فالديمقراطية ثغرة مفتوحة يدخل منها العدو - متى شاء - ليعطل بها مسيرة المشروع الإسلامي المتعثر أصلاً.
***
* الشرعية الحقيقية التي يمنحها الإسلام:
(1) حاكم يعمل على إقامة الدين، وتحكيم الشريعة، وإعلاء كلمة الله، وحمل رسالته إلى العالمين.. قدر التمكن والوسع والطاقة.
(2) استرداد شورى المسلمين المغتصبة منذ مرحلة الملك العضوض، وتمثيل القوى العلمية والفكرية الحقيقية الربانية في الأمة، وتمثيل قوى المجتمع ومفاصله تمثيلاً شريفاً يرتضيه عقلاء المسلمين وعامتهم.
(3) مصادرة أموال "المافيا" العسكرية والمدنية التي سرقوها؛ وجعلوا غالبية الشعب يعيش في الفقر والعوز، وردها إلى بيت مال المسلمين، وصرف إعانات فورية للفقراء، وخطة تكتيكية لسد حاجة الناس من الطعام والشراب، وخط مستقبلية لسيادة الأمة في كل شيء.
أما أن تنادي مرة بشرعية "المسار الديمقراطي" ومرة بشرعية ( من الشريعة ! ) فهذا يجعلك تدور، وتدور، وتدور ثم تعود لنقطة البدء صفر اليدين. لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء.. بعد أن تكون فقدت كل شيء.
***
* تطبيق وتحكيم الشريعة، ورأي الأغلبية
يظن البعض أن "تطبيق الشريعة" مشروع يُطرح على الأغلبية ليقبلوه أو يرفضوه، وهذا الالتباس يقع له ولغيره، لأن الحركة الإسلامية فشلت فشلاً ذريعاً في طرح قضية شرع الله، ووقعت في طامتين:
الأولى: عدم التجرد والموضوعية تجاه قضية الشريعة، وطرح الشريعة باسم الحزب أو الجماعة، والدعوة إلى تطبيق الشريعة يعني الانتماء للحزب وانتخابه، ولهذا فيظن الناس أن هذا الحزب لا يساوي الإسلام ومن حقه أن ينتخب غيره.
الثاني: خوف الحركة الإسلامية من طرح قضية شرع الله على أساس أنها قضية عقيدة من يتركها لغيرها، ويرضى ويريد غير شرع الله فقد وقع في شرك أكبر مخرج من الملة. خافت من مسألة "بيان مظاهر الشرك والردة" فوقع مزيد من الالتباس.
شرع الله قضية عقيدة، وإسلام، وتوحيد.. لا تُطرح على أغلبية ولا أقلية فالمسلم يؤمن بشرع الله بالجملة وعلى الغيب. وأما المحاولات البشرية لتطبيق الشريعة ممن يملكون أدوات الاجتهاد والفهم، فهي تبقى محاولات ينسخها الأفضل دوماً.. والاجتهاد مفتوح لمن يملك أدواته.
***
* الديمقراطية والهوية
لو افترضنا أن الديمقراطية هي: (الفصل بين السلطات - التداول السلمي للسلطة - صندوق انتخاب). حتى دون أدنى اعتبار لفلسفتها.. فمجرمٌ هو من يدعو إلى "ديمقراطية" دون أن يحسم مسألة الهوية..
هذا المجرم لا يدرك أن الديمقراطية سواء بآلياتها أو آلياتها وفلسفتها لا تعمل إلا على قاعدة من "استقرار الهوية".
والديمقراطية التي يسمح بها النظام الدولي يجب أن تكون الهوية علمانية محضة.
هذا المجرم يقطع الطريق على "معركة الهوية".. هذا المجرم لا يدرك معنى أن هوية الدولة علمانية محضة تحميها فوهة البنادق.
هذا المجرم يقطع الطريق على "معركة الهوية".. هذا المجرم لا يدرك معنى أن هوية الدولة علمانية محضة تحميها فوهة البنادق.
هذا المجرم لا يعرف أن الشهداء الذي تلقوا الموت والقتل والتعذيب ليس من أجل "الديمقراطية" إنما من أجل انتصار هوية الإسلام على العلمانية.
هذا المجرم يستفرغ طاقاتنا في لا شيء، فدعوته لن تصل بنا إلى حقوق الدنيا، ولن تحسم معركة الهوية.
طهروا صفوفكم من المجرمين الملوثة عقولهم بدين العلمانية.. وإنه:
(1) عندما تأتي الديمقراطية "بمسحة إسلام" فلا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية، والإسلام هو عدو الديمقراطية.. وإن هذا لا يعني ترك "السياسة الشرعية" التي تقترب من الناس، وتخالطهم، وتفهم واقعهم، وتملك من الدهاء لتخترق منظومة العلمانية وتستقر فيها، لتكشف أسرارها، وتكون عيون للمسلمين داخلها... إلخ مما يخدم تحكيم الشرع، وحمل الرسالة.
(2) إن إعلان الكفر بالديمقراطية ومسارتها لهو دفعة قوية في نفوس الجيل المسلم، الذي يُعلن انعتاقه فكرياً من الغرب، الذي ولا شك سيتبعه التحرر الكامل، ولكن التحرر يبدأ من الفكر أولاً، وفيه العزة للرجوع إلى الإسلام بمفرداته ومصطلحاته التي تبث الإيمان وتُحي القلوب، وفيه إعلان التحدي للمنظومة الحضارية الغربية بكل وحشيتها ومقتها، والاستعداد لأن نواجه بعقيدتنا نحن، ومبادئنا نحن. وإن الغرب لن ينفعنا أبداً أبداً، وإن كل مناداة بالديمقراطية لهو ترسيخ للفكر والحضارة الغربية !!
(3) وإننا عندما نمتلك قوة الإيمان لنقول إننا نرفض الديمقراطية، ونرفض عودة المسار الديمقراطي، وإن البديل لذلك هو الشورى بمقرراتها الشرعية، لهو دفعة لا تضاهيها قوة أخرى، ولهو إعلان للمفاصلة والتمايز والاستعلاء بالإيمان.. والسير في كل المسارات (الدعوية - السياسية - الجهادية ) بلا استثناء، وبلا معاداة لأي مسار.
(4) وإن اليقين بأن النظام الديمقراطي لن يأتي بالإسلام أبداً، وإنهم ليكرهون أن يروا امرأة محجبة، ولو هادنهم - مثلاً - الإخوان المسلمين حتى لم يبق لهم شيء إلا نساؤهم المحجبات.. فوالله ما تركوهم حتى يتعروا ويتبعوا ملتهم. وإن هذا اليقين ليختصر الطريق، وإنه كان من الأولى أن نفهم القرآن فلا نخوض في ذلك العبث ابتداء، أما والتجارب تلو التجارب تؤكد أنها مجرد لعبة ( للاحتواء والتفريغ ) فالحكمة أبلغ، والتجربة أمر.
***
* وحشية العدو، ومكره، وحربه:
في غياهب السجن المجهول، وفي أثناء التحقيقات المتتالية ليل نهار، وعندما طلب السجين الذي لا يعرف أحد مكنه، ولا يملك له أحد أي دفع - سوى رحمة الله وعنايته - فمصيره مجهول، وأوامر الاعتقالات مختومة على بياض.. والقضاة كلاب لأمن الدولة، في ظل هذا الحصار المادي.. طلب السجين "مصحف" ليقضي به على وحشة الحبس الانفرادي.. فأبى الظالمون إلا كفورا.. فالحصار المعنوي أهم عندهم من الحصار المادي، لا بد من كسر نفسية السجين، وضعضعة نفسه، وخلخلة ذاته، حتى ينهزم، وتنكسر نفسه.
هذا النظام الذي يخاف من قراءة سجين للقرآن في حبس انفرادي.. ويدرك الخطورة المعنوية لذلك. ما هو إلا أداة صغيرة من أدوات النظام الدولي.. وهو ذاته النظام الذي يُوعدونا ويُمنينا بالمحاكم الدولية، والأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، والاتحاد الأوربي، والأفريقي...إلخ وغيرها من الأذرع الوحشية الدولية، يوعدنا مرة، ويمنينا مرة، ويتنكر لنا مرات. هذا النظام بمكوناته وأدواته المحلية والإقليمية والدولية لن ينصرنا أبداً أبداً أبداً، ولن يشفق علينا، وإن فعل ذلك - مؤقتاً - فهو لتخديرنا.
إننا مازلنا لم نفهم بعد مدى "وحشية" هذا العدو، ولم ندرك بعد درجة "مقته وبغضه" لنا، ولم نفهم بعد "حقيقة المعركة" وطبيعة الصراع.. مازلنا لم نفهم القرآن وهو يحدثنا عن هؤلاء الوحوش، وهو يقطع عنا كل رجاء إلا من الله، وأن معية الله لن تنزل إلا عند لحظة الإخلاص التامة لوجهه الكريم، هذه وظيفة القرآن "الحق المطلق" الذي لا يحتمل أدنى شك، أو مساحة في تجربة لم يُقرها القرآن..
وإننا عندما نستلهم نور الوحي ليضيء لنا ظلمات الطريق، ويكشف المحجوب من الغيب، فإننا نقلل فاتورة الدماء والتكاليف لأقل درجة، ونجبر ضريبة الدم، بنور الوحي.. { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } [الفتح : 23]
وموعدنا مع التغيير قادم في اللحظة التي نغير بها ما بأنفسنا.
***
* نموذج من خطاب فاشل
يخاطب - مثلاً - قادة الإخوان أنصار التيار الإسلامي.. بــ ( خطاب دعوي ) عاطفي.. جياش.. منفعل بالتضحية والشهادة والفداء وعودة دولة الإسلام. ويخاطب قادة الإخوان أنصار التيارات الغير إسلامية والغرب بــ ( خطاب سياسي ) توافقي، ناعم، هادئ، متوائم، يفوح منه السلام الناعم، والتماهي مع الجميع.
فلا هم يكسبون أنصار التيار الإسلامي الذي لا يدركون أن شبابه انفتح على آفاق واسعة من المعرفة، والتجربة الواقعية. ولا هم يكسبون أنصار التيارات الغير إسلامية لأنهم لا يدركون أنهم أذكى بكثير أن يخدعهم خطاب سياسي مكرور من عشرات السنين، فضلاً عن أنهم يكرهون شرع الله وحكمه.
لا إلى هؤلاء.. ولا إلى هؤلاء، وإرضاء سيد واحد - سبحانه - كفيل وحده، أن يختصر الطريق، ويحقن الدماء، ويضعنا على صراطه المستقيم.
***
* واقعنا السياسي
المرجعية السياسية الوحيدة لنظم الحكم في كل بلادنا هي المنظومة العسكرية والأمنية التي صُممت لتعطل وتحبط عملية التغيير الإسلامي.
وإن محاولة التغيير التي لا تستهدف هذه المرجعية لا تعدو إلا أن تكون حركة في الفراغ، وإن نجحت جزيئاً فهذه النجاحات عرضة للتدمير والالتهام الفوري إذا ما قرر العدو ذلك، لأنه - ولشدة مكره - يترك بعض النجاحات الجزئية تمر أحياناً لتكون بمثابة الخدر الذي يقعدنا عن الحركة في اتجاه تمكين الإسلام وتحكيم الشريعة؛ لذا فيجب حركة التدافع والتمكين للإسلام تسير في كل مساراتها الدعوية والسياسية والجهادية بلا استثناء، وبلا تناقض.. بل بتكامل وتوازن ومرونة.
وإن اقتراب الفكر السياسي من الفكر الجهادي أو اقتراب الفكر الجهادي من الفكر السياسي.. أشد ما يرهب النظام الدولي، ويعلن على إثره حالة الطوارئ القصوى، وأول حرب سيعلنها هي ( حرب التدمير الذاتية ) أي تدمير الفكر الجهادي بالسياسي، أو تدمير الفكر السياسي بالفكر الجهادي..
محمد - صلى الله عليه وسلم - استطاع ببراعة منقطعة النظير أن يقف على (خط التوازن) بين الفكر السياسي والجهادي وإنفاذ كل منهما في توقيته المناسب، فأقام - بفضل الله - دولة في فترة وجيزة إعجازية بالنسبة لعمر الدول والشعوب.
وفي اللحظة التي يكون فيها للفكر السياسي.. جهاد يحميه، ويكون للحركة الجهادية سياسة توظف إنجازاتها لحمل الرسالة. في هذه اللحظة سيتغير مجرى التاريخ، ووجه الحياة البشرية.
وإننا نقترب منها، ولكن يعطلنا "سفهاء" على الجانبين، غارقين في "الايدلوجيا - العصبية الجاهلية" من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً؛ فجعل الله بأسنا بيننا.
ولكن رغم كل هذا، إننا نقترب.. فاللهم استعملنا في طاعتك.
***
* دعوة منقوصة
يقول البعض: " نحن ننصر الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة.." " نحن دعاة ولسنا قضاة.. ورافضون للعنف بكافة أشكاله.. ولم يحدث أن صدر منا أى عنف لفظى حتى، ونحن نتعاون على البر والتقوى"
(1) إن نصرة الدين بالحكمة والموعظة الحسنة وحدها، ليست من الدين.. وليس هي دعوة الرسل. إنها ( الحكمة والموعظة الحسنة ) مع الضعفاء والمغيبين والجهلاء والتائهين. و(السياسة الشرعية) عند تقدير المواقف، واكتساب أرض جديدة للإسلام وإمكانية الحلول من خلال المعاهدات...إلخ، و(السيف والقوة) مع الطواغيت والمتجبرين.. وهذه ذروة سنام الإسلام، وهذه سنة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي استل سيف الحق على المشركين واليهود والنصارى، وقاتلهم بيده الشريفة، فمن يتبرأ من ذلك يتبرأ من سنة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويتبرأ من دينه كذلك.
(2) وإن كنت لا تستطيع إلا الحكمة والموعظة الحسنة، فجزاك الله خيراً، ولكن لا تُعرض نفسك للبلاء وسياسة الأمة، وابق في مسار الدعوة وحده مع شديد التأكيد والوضوح على ضرورة العمل على المسار السياسي والجهادي بالتوازي.. وإلا فأنت تتحول بحكمتك هذه إلى رهبانية دينية تُسلّم المسلمين إلى الموت بلا مقابل.
(3) وإن كوننا حقاً دعاة لا قضاة معناه.. أن نسير بخط دعوة الرسل الذي فيه الجهاد، حتى تتم أركان الدعوة.. ويحكم الدين، ويكون الحكم للإسلام وللقضاء الإسلامي، ويعني بيان دين الله وشرعه وجهاده، وبيان حال الطواغيت، وبيان مظاهر الشرك والردة الواقعة في الأمة، والعمل على إزالة هذا الواقع، وإحياء الأمة، فإننا لا نحاكم الأمة ونقاضيها.. ولكننا نعمل على إحيائها وتخليصها من الاحتلال والطواغيت وعصابات المافيا السارقة لثرواتنا والمبدلة لديننا.
(4) وإن المسلم لا يتكلم عن ( عنف ) فسيكولوجيا العنف: تعني شخص مضطرب يعاني أمراض نفسية واجتماعية، فينفعل في غير مكان الانفعال، ويغضب لأتفه الأسباب، ويستخدم العنف فيما يمكن حله بالحوار أو الحديث. ولهذا يدخل "الشخص العنيف" ضمن اضطرابات الشخصية. أما الشخص المقاوم والمجاهد فهو شخص يحمل رسالة، ويدافع عن هوية، ويعرف أنه لن يجني شيئاً لنفسه من وراء ثورته، بل يمهد الطريق للأجيال القادمة..
المؤسف حقاً أن ما يسمون أنفسهم قادة ! عمل ! إسلامي ! ومن أنعم الله عليهم بنعمة الشهرة، والكلمة المسموعة يرددون تلك الكلمة دون فهم مدلولاتها.. ودون أن يكون لهم خطة واضحة تجاه حرب عالمية.
أما الإسلام فيسمي مواجهة الطاغوت (جهاد) وذروة سنام الإسلام، ويجب أن يكون حديث الجهاد خبز يومي للمسلم، فهو عزته، ولا عز له إلا بجهاده وقوته.. وأما القوى الأمنية والعسكرية في بلادنا فهي مصنوعة لتقتل شعوبها، وتمنع أي تغيير إسلامي.
(5) وإن التعاون على البر والتقوى، لا يعني مداهنة ومهادنة الجاهلية إنما تعني تعاون من يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن يتخذ السياسة الشرعية، ومن يتخذ ذروة سنام الإسلام.. الجهاد. هذا هو التعاون، وهذا هو البر والتقوى.
***
* مكمن الخطورة، ونقطة البدء
الخطورة ليست في جنرالاً عسكرياً ينقلب علينا..
الخطورة ليست في جيش عقيدته علمانية، موجه سلاحه ضد شعبه..
الخطورة ليست في نظام وحشي دولي يحاصرنا من كل جانب عسكرياً واقتصادياً وسياسياً..
مكمن الخطورة فينا نحن.. نعم نحن !!! فكل ما سبق أعراض أمراضنا نحن !
وإن نقطة البدء ليست في التماهي والتوافق والاستسلام لهؤلاء، ولا هي الصدام المتعجل مع هؤلاء..
إنها ببساطة نحن: { حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد : 11]
هذه نقطة البدء التي قررها الله سبحانه، ما بأنفسهم من: ( غل وحقد وحسد، وأمراض استبداد، وعصبية جاهلية "أيديولوجيا"، وإحياء للرسالة التي أُخرجت لها هذه الأمة، والإخلاص لله سبحانه ، والتجرد والموضوعية...إلخ) وكل ما حدث ويحدث لنا ليس بسبب انقلابات ولا غيره، بل بسبب هذه الأمراض الفكرية والنفسية التي تُخرج سلوكاً شاذاً ومنحرفاً يغري "كلاب" الأرض أن تفترسنا، ولهذا جاء التوصيف الرباني لحالتنا: { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [الشورى : 30] { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } [آل عمران : 165].
ونقطة البداية هذه لا تعني أن تعتزل الواقع وتقرأ في كتاب، ولكنها تعني التوبة، وتطهير النفس، والاستعداد للمواجهة.. بل هي التغيير والتربية والتصحيح أثناء المواجهة، فالإسلام ليس فيه رهبانية، ولا عزلة.. بل هو الدعوة والسياسة والجهاد مجتمعين لا منفصلين ولا متناقضين.
***
تعليقات
إرسال تعليق