العورة الثورية

يتحدث البعض عن "أساليب وآليات" التصعيد الثوري، فيصول ويجول، ثم إذا أتى الحديث عن "القوة" ولو من بعيد، ولو بالإشارة، ولو بالتلميح.. إذ يُعلن على الفور أنها "سلمية" لكنها "السلمية الخشنة" !! ولست أدري هل تحدث السيد/ جين شارب - رضي الغرب عنه - عن هذه "السلمية الخشنة" حتى نستخدمها أم أننا نخرج عن حدود كتابه "البدائل الحقيقية"؟!
أصبح مجرد الحديث عن "القوة والسلاح" عورة مُغلظة يجب على المسلم - والمسلم وحده - الاستحياء منها، والخجل، واحمرار الوجه إذا ما ذُكرت أمامه.. بل وعليه الاستغفار مما أَلم بخاطره من وساوس وأفكار !!
المسلم وحده هو الذي يجب أن يكون مجرد من القوة، وإذا بلغ الفتك والقتل مداه، فيمكنه أن يتحول - على استحياء - إلى السلمية الخشنة..
أما الكنيسة الأرثوذكسية، والأقباط المملؤة قلوبهم حقداً.. فلا حرج عليهم أن تملأ كنائسهم جميع أنواع الأسلحة، وأن يكون لهم مليشيات منظمة ومدربة، بل ويكون الرهبان يمارسون الرياضات القتالية.. ويكون هذا الأمر ليس وليد اليوم، بل منذ أحداث الزاوية الحمراء.. أيام السادات، بل وقبل ثورة يناير تم ضبط سفينة باسم ابن راهب محملة بالأسلحة قادمة من إسرائيل، وتم التحفظ على القضية !!
أما الشيعة في لبنان.. فلا حرج عليهم أن يكون لهم ذراع عسكري، وذراع سياسي، وذراع اقتصادي، وأن يكون لهم دولة داخل الدولة، وسلطان أقوى منها.
أما المسلم فألف لا !!
وإذا خالفنا قول الله تعالى: { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ } [الأنفال : 60] أفلا نستطيع أن نتحرر من أسر العورة الثورية - وما هي بعورة - وأن نقتنع فكرياً أولاً أنه يحق لنا - على الأقل - أن نملك قوة تستطيع الردع، والدفاع، وإلجام فجر العدو، وافتراسه لنا؟!
أخشى أنه عندما نصل إلى تلك القناعة يكون قد فات الأوان !
إنني أتذكر نبرة الغرب وقت وقوع الانقلاب.. لقد كانت نبرة تضامنية، وفيها الأمل، والتشجيع على السلمية، وجاءت الوفود الغربية من كل حدب وصوب ! ثم الآن تغيرت النبرة وعلت الأصوات الحقيقية، وانكشفت الوجوه بلا مساحيق فنجد تصريحاتهم كلها تضمان مع الانقلاب وشرعنة له، ورفض المحاكمات الدولية للقتلة، والاعتراف بالانقلاب على أنه "ثورة"! أو كان يخدعنا الغرب ويُمنينا حتى نفقد "اللحظات الفارقة" وحتى نفقد القدرة على استثمار "الغضب" حتى يتمكن الانقلاب من كل شيء، ثم إذا تمكن أعلن أنه يدعمه ويؤيده، بل وهو المخطط له من الأساس؟!!
مهما أجلنا وأخرنا المواجهة فهي قادمة لا محالة.. هذه هي سنة التدافع بين الحق والباطل: { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }[البقرة : 251]
إن النظام الدولي الوحشي الحالي - بعد الحرب العالمية الثانية - قائم فوق جماجم ما يقرب من 62 حتى 78 مليون قتيل!
إنهم وحوش، بل أشد افتراساً من الوحوش.. ويجب أن نكبح جماح هذه الوحوش، ونعيد التوازن للحياة.. لذا فهذه الرسالة رحمة للعالمين: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء : 107]
ويجب أن تجتمع المشاريع السياسية والجهادية وغيرها من المشاريع في نسق واحد، لا أن تعادي بعضها البعض، ولا أن يفسد كل منها عمل الآخر، فالمسلمين بل والإنسانية تواجه عدو واحد. ويجب أن يجتمع الفرقاء والرفاق نحو مواجهة واحدة تستنهض الأمة كلها لتؤدي دورها الذي من أجله أُخرجت للناس.
04/05/2014 م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تكفير المتوقف في التكفير

شبهات حول فكر قطب

الجيا والدولة