معالم الشخصية الحزبية
1- احتقار المخالف: عندما يُقدم فكر جديد أو مختلف عن القالب الفكري المُعلب للشخصية الحزبية المتطرفة، يبدأ في محاولة البحث عن "قولبة فكرية " لهذا العمل، ليسرد له "مجموعة تهم جاهزة" فإن عجز، سأل عن صاحب هذا الفكر، فإن كان غير مشهور، اتهمه: من أنت؟ ما حجمك؟ من شيخوك؟ في محاولة لتحقير الشخص ومن ثم تحقير ما يقدمه، فإن كان مشهورًا.. بحث له عن زلات، ليواجه بها الفكرة. الخلاصة: أن كل آخر عدو، وكل ما خارج قالبه شر.
2- الدفاع المستمر، والهجوم المستمر: الدفاع عن قالبه وحزبه مهما عظمت أخطاءه وتكررت، ومحاولة التبرير المستمرة، ولا يستطيع أن يُفرق بين تحليل الحدث وتبريره. والهجوم المستمر على من خارج قالبه وحزبه، مهما كان صوابًا ومهما كانت الحُجة.3- أحادية التفكير، محدودة الرؤية: فلا يستطيع أن يفكر أو يرى إلا في حدود القالب الحزبي أو في حدود "تطرفها" ولا يمكنها الرؤية فيما بعد ذلك، مهما كان الأمر مهمًا أو عظيمًا. فلا تستطيع الرؤية المتكاملة أو الشمولية للحدث، فهي مقيدة بقالبها لا تنظر خارجه، ولا تنفعل بما يحدث خارج إطاره.
4- ضيق النفس، وانغلاق العقل: فلا تجد حبًا ولا حرصًا ولا بشاشة للإيمان ولا إطمئنانًا للقلوب، ولا تفتحًا للعقول لقبول الخير، أو رفض الشر! شيء "جامد صلب" لا تجد في رسالته أو فكرته تلك الروح التي تحرص على إفهام الآخرين، وتحمل رسالة نجاة ورحمة، فيقدم صورة جافة، قاسية، جامدة.
5- عدم القدرة على النمو: فيظل حبيس "قالبه" مهما طال به الزمان، عاجز عن الإبداع والحركة والحيوية، يرى في الإبداع ابتداع، وفي الحركة تهور، وفي الحيوية ضياع.. يظل جامدًا في قالبه حتى ينكسر هو أو ينكسر قالبه.
6- شديد الخصومة: على من خالفه، فلا مجال للاتفاق حتى فيما يتفق معه الآخر فيه، فإما أن يقبل كل ما عندهم في قالبهم أو حزبهم، وإما أن يرفضه كله، وإذا انكسرت الشخصية المتطرفة أو انكسر قالبها الفكري.. صارت شديدة الخصومة والهجوم على قالبها الفكري وعلى نفسها، وهاجمت نفسها وقالبها بنفس الضراوة والعداوة التي تمارسها على مخالفها.
7- التقلب بين المتناقضات: لا تجد الشخصية الحزبية أو المتطرفة أدنى حرج أو غضاضة في التقلب بين المتناقضات، فهي قادرة على تبني الشيء وعكسه في نفس الوقت، وأي محاولة للتنبيه على هذا التناقض تُقابل بهجوم شرس وتسفيه وتحقير، واستعلاء بعدم قدرة الآخر على فهم الحكمة من ذلك.
8- عدم الاتساق: غير متسقة مع نفسها، ولا في ردود أفعالها.. فهناك نتؤات نفسية وفكرية كثيرة داخل تلك الشخصية، معاييره وموازينه مضطربة وغير محايدة، فقد ينفعل ويثور لحدث ما في مكان ما، وعندما يتكرر نفس الحدث لكن في مكان آخر مع تساوي نفس المعطيات، فلا تجد له أي رد فعل، ولا يملك الشجاعة ليقف ويسأل: ما الفرق؟
9- الجمود أو السيولة: الشخصية الحزبية أو المتطرفة، تظل في حالة دائمة من الجمود على قالبها مهما تغير الواقع من حولها، فإذا أرادت أن تُحدث تغيير تتحول إلى الحالة السائلة فلا تستطيع أن تضبط أفكارها، وتنهار حدودها، بمعنى أنها تجهل فكرتها. ولا تستطيع أن تكون مرنة بمعنى أن تنطلق في واقعها دون أن تتخطى حدودها وثوابتها ومبادئها. فتجهل ما هو ثابت لا يمكن التنازل عنه، وما هو متغير يمكن التعاطي معه، لأنها تتبنى قالبها الفكري كوحدة واحدة غير قابلة للتمييز، فإما قبوله كله أو رفضه كله.
10- الاستبداد: لا تستطيع الشخصية الحزبية أو المتطرفة أن تتحرر من آصارها وأغلالها، تظل قاهرة ومُتسلطة على من هو دونها أو مخالف لها، ومتماهية ومُستذَلة لمن هو أعلى منها.
11- عاطفية: فهي تتعاطى عاطفيا لا فكريًا مع الأحداث، ويكون انفعالها العاطفي مؤقت ومحدود التأثير، فلا يلبث إلا أن يهبط ويهوي الثوران العاطفي، دون أن يُحدث عبرة وتفكر وتأمل من الحدث.
12- اهمال التاريخ والمستقبل: ذاكرتها التاريخية ضعيفة فلا تمسك بسنن التاريخ وعبره، ولا هي تتطلع إلى رؤية مستقبلية لاستشراف ما يحدث، فهي دومًا تشعر بالأمن والراحة داخل محضنها وقالبها، فهي محصنة داخله وبالتالي فلا يهمها عِبر التاريخ ودروسه، ولا ما سيكون عليه المستقبل. كما أنها تفشل في القدرة على النظر إلى مآلات الأمور.
13- تورم الذات: فكلما زاد الحجم المادي للقالب الفكري، كلما انتفخت معه الذات، وتتجمد أكثر، وتستمد حقها وقوتها من ضخامة القالب، وتنظر إلى الآخرين حسب أحجامهم المادية لا الفكرية أو الروحية.
14- تبني الأشخاص لا الأفكار: الشخصية الحزبية أو المتطرفة شديدة التعلق بالأشخاص، شديدة التماهي فيهم، شديدة التأثر بهم.. لا تستطيع النظر المجرد للأفكار، ولا تستطيع النقد التحليلي للمعلومات.
15- الافتراق: تعجز الشخصية الحزبية أو المتطرفة عن الاجتماع على فكرة جامعة أو قضية عامة، وتظل نظرتها إلى داخل قالبها، وتستعصي على الوحدة مع غيرها، فتظل مهزوزة الثقة في كل آخر، وإن اجتمعت لخطب ما مع آخر.. تشعر بالوحدة والضياع، ثم تهرب إلى داخل قالبها مرة أخرى !!
* * *
{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [الأنعام : 159]
{ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم : 32]
أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } [الشورى : 13]
{ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [المؤمنون : 53]
* * *
روابط ذات صلة:
- الفرق بين الشخصية الرسالية والحزبية.
تعليقات
إرسال تعليق