بن لادن والثورات

هذه محاور كلمة الشيخ المجاهد أسامة بن لادن - رحمه الله وتقبله - بخصوص الثورات العربية بتاريخ: مايو 2011 م.
(1)         أُمّتي المُسلِمَة، نراقبُ معكِ هذا الحدث التاريخيّ العظيم، ونشاركُكِ الفرحةَ والسرورَ والبهجةَ والحبور، نفرحُ لِفرحكِ وَنترحُ لِتَرَحكِ، فهَنِيئًا لكِ انتصَارَاتُك، ورَحِمَ اللهُ شهداءَكِ، وعَافَى جرحَاكِ، وفرّجَ عن أسرَاكِ.

(2)         شمسِ الثّورَةِ تطلعُ من المغرِب، أضَاءت الثّورةُ مِن تُونُس، فأنِسَت بهَا الأُمّة، وأشرقَت وجُوه الشّعوبِ، وشَرقَت حناجِرُ الحكّام، وارتَاعَت يهُود لِقُربِ الوعُود، فبِإِسقَاطِ الطّاغِيةِ سَقَطَت مَعانِي الذّلَّةِ والخُنوعِ والخَوفِ والإِحجَام، ونَهَضَت مَعَانِي الحُرّيّة وَالعِزّةِ والجُرأةِ والإِقدَام، فَهَبّت رِياحُ التّغييرِ رَغبَةً في التّحرِير، وكَانَ لتُونُسَ قَصَبُ السَّبقِ، وبسرعَةِ البَرقِ أَخذَ فُرسَانُ الكنَانَةِ قَبَسًا مِن أَحرَارِ تُونُسَ إِلَى ميدَانِ التّحرِير، فانطلَقَت ثَورةٌ عظيمةٌ، وَأَيُّ ثَورَة! ثَورَةٌ مَصِيرِيّةٌ لمِصرَ كلِّها وَللأُمّة بِأسرِها إِن اعتصَمَت بِحَبلِ رَبِّها، وَلم تَكُن هذِه الثّورَة ثَورَةَ طَعَامٍ وكِسَاء، وإِنَّمَا ثَورَةُ عِزٍّ وَإِبَاء، ثَورَةُ بَذلٍ وَعطَاء، أضَاءَت حَواضِرَ النّيلِ وَقُرَاه مِن أَدنَاه إِلَى أَعلَاه، فَتَراءَت لِفتيَانِ الإِسلَامِ أَمجَادُهُم، وَحَنّت نُفُوسُهم لِعَهدِ أَجدَادِهم، فَاقتَبَسُوا مِن مَيدَانِ التّحرِيرِ فِي القَاهِرَةِ شُعَلاً لِيَقهرُوا بِهَا الأَنظِمَةَ الجَائِرَة، وَوَقَفُوا فِي وَجهِ البَاطِلِ وَرَفَعُوا قَبضَاتهم ضِدّه، وَلم يَهَابُوا جُندَه، وَتَعَاهَدُوا فَوثّقُوا المُعَاهَدَة، فَالهِمَمُ صَامِدَةٌ، وَالسّواعِدُ مُسَاعِدَةٌ، والثّورَةُ وَاعِدَة.
(3)         امَسّكُوا بِزمَامِ المُبَادَرَةِ، وَاحذَرُوا المُحَاوَرَةَ؛ فَلَا التِقَاءَ في مُنتَصَفِ السّبِيلِ بَينَ أَهلِ الحَقِّ وَأَهلِ التّضلِيل، حَاشَا، وَكَلّا.
(4)         وتَذكَّرُوا أنّ اللهَ قد مَنّ عَلَيكُم بِأَيّامٍ لهَا مَا بَعدَهَا، أَنتُم فُرسَانُها وَقَادَتهُا، وَبِأيدِيكُم لِجَامُها وَرِيادتها، ادّخَرَتكُم الأُمّةُ لِهَذَا الحَدَث الجَلَل، فأتِمّوا المسِيرَ وَلَا تَهَابُوا العَسِيرَ.
(5)         أَمَامَكُم مُفتَرَقُ طُرُقٍ خَطِير، وَفُرصَةٌ تَارِيخيّةٌ عَظِيمَةٌ نَادِرَةٌ لِلنُهُوضِ بِالأُمّةِ، وَالتّحَرُّر مِنَ العُبُودِيَّةِ لِأَهوَاءِ الحُكّامِ، وَالقَوَانِين الوَضعِيّةِ، وَالهَيمَنَةِ الغَربِيّةِ. فَمِنَ الِإثمِ العَظِيمِ وَالجَهلِ الكَبيرِ أَن تَضِيعَ هَذِهِ الفُرصَةُ الّتِي تَنتَظِرُهَا الأُمّةُ مُنذ عُقُودٍ بَعِيدَةٍ، فَاغتَنِمُوهَا وَحَطّمُوا الأَصنَامَ وَالأَوثَانَ، وَأَقِيمُوا العَدلَ وَالإِيمَان.
(6)         أُذَكّرُ الصّادِقِينَ بِأَنّ تَأسِيسَ مَجلِسٍ لِتَقدِيمِ الرّأيِ وَالمشُورَةِ لِلشُّعُوبِ المُسلِمَةِ فِي جَميعِ المَحَاوِرِ المُهِمّةِ وَاجِبٌ شَرعِيّ، وَآكَدُ مَا يَكُونُ عَلَى بَعضِ الغيُورِينَ الّذِينَ قَد نَصَحُوا مُبَكرًا بِضَرُورَةِ استِئصَالِ هَذِهِ الأَنظِمَةِ الظَّالِمَة، وَلَهُم ثِقَةٌ وَاسِعَةٌ بَينَ جَمَاهِير المُسلِمِينَ، فَعَلَيهِم البدءُ بِهَذَا المشرُوعِ وَالإِعلَانُ عَنهُ سَرِيعًا بَعِيدًا عَن هَيمَنَةِ الحُكّامِ المُستَبِدّينَ، وَإِنشَاءُ غُرفَةِ عَمَلِيّاتٍ مُوَاكِبَةٍ لِلأَحدَاثِ لِلعَمَلِ بِخُطُوطٍ مُتَوَازِيَةٍ تَشمَلُ جَمِيعَ حَاجَاتِ الأُمّةِ مَعَ الاِستِفَادَةِ مِن مُقتَرَحَاتِ أُولِي النُّهَى فِي هَذِهِ الأُمَّة، وَالِاستِعَانَة بِمَرَاكِزِ الأَبحَاثِ المُؤَهَّلَة، وَأُولِي الأَلبَابِ مِن أَهلِ المعرِفَةِ لإِنقَاذِ الشُّعُوبِ الّتِي تُكَافِحُ لإِسقَاطِ طُغَاتِها، وَيَتَعَرّضُ أَبنَاؤُهَا لِلقَتلِ، وَتوجِيهِ الشُّعُوبِ الّتِي أَسقَطَت الحَاكِمَ وبَعضَ أَركَانِهِ بِالخُطواتِ المطلُوبَةِ لِحِمَايَةِ الثّورَةِ وَتَحقِيقِ أَهدَافِهَا.
(7)         التّعَاوُنُ مَعَ الشُّعُوبِ الّتِي لم تَنطَلِق ثَورَاتها بَعدُ، لِتَحدِيدِ سَاعَةِ الصِّفرِ وَمَا يَلزَمُ قَبلَهَا، فَالتّأَخُّرُ يُعَرِّضُ الفُرصَة لِلضّيَاعِ، وَالتَّقَدُّمُ قَبلَ أَوَانِهِ يَزِيدُ مِن عَدَدِ الضّحَايَا، وَأَحسبُ أَنَّ رِيَاحَ التّغييرِ سَتَعُمُّ العَالِمَ الإِسلَامِيّ بِأَسرِهِ -بِإِذنِ اللهِ- فَينبَغِي عَلَى الشّبَابِ أن يُعِدُّوا لِلأَمرِ مَا يَلزَمُ، وَأَن لَا يَقطَعُوا أَمرًا قَبلَ مَشُورَةِ أَهلِ الخِبرَةِ الصّادِقِينَ المُبتَعِدِينَ عَن أَنصَافِ الحُلُولِ وَمُدَاهَنَةِ الظّالِمِين؟
(8)         أُمّتِي المُسلِمَةَ، قَد شَهِدْتِ قَبلَ بِضعَةِ عُقُودِ ثَورَاتٍ عَدِيدَة، فَرِحَ النّاسُ بِهَا ثُمّ مَا لَبِثُوا أّن ذَاقُوا وَيلَاتها، فَالسّبِيلُ لِحِفظِ الأُمَّةِ وَثَورَاتِها اليَومَ مِنَ الضّلَالِ وَالظُّلمِ هُوَ بِالاِنطِلَاقِ فِي ثَورَةِ الوَعيِ وَتَصحِيح المَفَاهِيمِ فِي شَتّى المَجَالَاتِ وَلَا سِيّمَا الأَسَاسِيّةِ, وَأَهَمّهَا رُكنُ الإِسلَامِ الأَوّل، وَمِن خَيرِ مَا كُتِبَ فِي ذَلِكَ كِتَابُ: "مَفَاهِيمُ يَنبَغِي أَن تُصَحَّح" لِلشَيخِ: "مُحَمّد قُطب".
(9)         فَضَعفُ الوَعيِ عِندَ كَثِيرٍ مِن أَبنَاءِ الأُمّةِ النَاتِجُ عَن الثّقَافَةِ الخَاطِئَةِ الّتِي يَبُثّهَا الحُكّامُ مُنذُ عُقُودٍ بَعِيدَةٍ هُوَ المُصِيبَةُ الكُبرَى، وَمَا مَصَائِبُ الأُمّةِ الأُخرَى إِلَّا ثَمَرَةٌ مِن ثَمَرَاتِهَا المُرّة، فَثَقَافَةُ الذُّلِّ وَالهَوَانِ وَالخُنُوع، وَتَكرِيسِ الطَّاعَةِ المُطلَقَةِ لِلحُكّامِ -وَتِلكَ عِبَادَةٌ لَهُم مِن دُونِ الله- وَالتّنَازُل عَن أَهَمِّ الحُقُوقِ الدِّينِيّةِ وَالدّنيَوِيّةِ لَهُم، وَجَعلِ القِيَمِ وَالمَبَادِئِ وَالأَشخَاصِ تَدُورُ فِي فَلَكِهِم، فَتُفقِدُ الإِنسَانَ إِنسَانِيّته، وَتَجعَلهُ يركضُ وَرَاءَ الحَاكِمِ وَإِرَادَتِه، دُونَ إِدرَاكٍ أَو تَبَصّر فيُصبِح إِمّعَة؛ إِن أَحسَنَ النّاسُ أَحسَن، وَإِن أَسَاؤُوا أَسَاء، مِمّا يَجعَلهُ كَسِلعَةٍ مِن سَقطِ المتَاعِ، يَفعَلُ بِهَا الحَاكِمُ مَا يَشَاء، وَهَؤُلاءِ هُم ضَحَايَا الظّلمِ وَالاِستِبدَادِ فِي بِلَادِنَا، الّذِينَ أَخرَجَهُم الحُكَّامُ لِيَهتِفُوا بِاسمِهمِ، وَيَقِفُوا فِي خَندَقِهِم، وَقَد سَعَى الحُكامُ لِيَتَخَلّى النَّاسُ عَن أَهَمّ حُقُوقِهم الّتِي آتَاهُم اللهُ إِيّاهَا، فَعَطّلُوا عُقُولَ الأُمّةِ، وَهمَّشُوا دَورَهَا فِي الشّؤُونِ العَامّةِ المُهِمّةِ عَبرَ تَضَافُرِ جُهُودِ مُؤَسّسَاتِ الدّولَةِ الدّينِيّةِ وّالإِعلاَمِيّةِ لِإصبَاغِ الشَّرعِيّةِ عَلَيهِم، فَسَحَرُوا أَعيُنَ النَّاسِ وإِرَادَاتِهم وَعُقُولَهُم، وَرَوّجُوا لِصَنَمِيّةِ الحَاكِمِ، وَأَسّسُوا لَهَا زُورًا وَبُهتَانًا بِاسمِ الدّين، وَكَذَلِكَ بِاسمِ الوَطَن، لِيَحتَرِمَهَا النّاسُ وَلِيَغرِسُوهَا فِي النّفُوس، لِيُقَدِّسهَا الكِبَارُ، وَلَم يَسلَم مِنهَا الصِّغَارُ، الّذِينَ هُم أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا، وَقَد وُلِدُوا عَلَى الفِطرَةِ فَاغتَالُوا فِطرَتَهُم بِلَا ضَمِيرٍ وَلَا رَحمَة، فَهَرِمَ عَلَى ذَلِكَ الكَبِيرُ، وَشَبّ عَلِيهِ الصّغِيرُ، فَازدَادَ الطُّغَاةُ طُغيَانًا، وَالمُستَضعَفون استِضعَافًا، فَمَاذَا تَنتَظِرُون؟! فَأَنقِذُوا أَنفُسَكُم وَأَطفَالَكُم فَالفُرصَةُ سَانِحَةٌ، خَاصّة بَعدَ أَن تحَمّل فِتيَانُ الأُمَّةِ عِبءَ الثّورَاتِ وَمصَابَهَا، وَرصَاصَ الطُّغَاةِ وَعَذَابَها، فَمَهَّدُوا الطّرِيقَ بِتَضحِيَاتِهِم، وَأَقَامُوا جِسرَ الحُريّةِ بِدِمَائِهِم، فِتيَةٌ فِي مُقتَبَلِ العُمرِ، طَلّقُوا دُنيَا الذّلّ وَالقَهرِ، وَخَطَبُوا العِزَّةَ أَو القَبر، فَهل يَعِي الحُكّامُ أّنَّ الشَّعبَ قَد خَرَجَ وَلَن يَعُودَ حَتّى يُحَقِّقَ الوُعُودَ بِإِذنِ اللهِ تَعَالَى.
(10)     إِنَّ الظُّلمَ العَظِيمَ فِي بِلَادِنَا قَد بَلَغَ مَبلَغًا كَبِيرًا، وَتَأَخّرنَا كَثِيرًا فِي إِنكَارِه وَتَغيِيرِه، فَمَن بَدَأَ فَليُتِمَّ -نَصَرَهُ اللهُ- وَمَن لمَ يَبدَأ فَلْيُعِدّ لِلأَمرِ عُدَّتَه، وَتَدَبَّرُوا الحَدِيثَ الصّحِيحِ عَن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ حَيثُ قَالَ: (مَا مِن نبيٍّ بعثهُ اللهُ فِي أمّةٍ قبلِي إلّا كَانَ لَهُ مِن أمّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأصحَابٌ يأخُذُونَ بِسُنّتِهِ ويَتَقَيّدُونَ بِأمرِهِ, ثُمَّ إِنّهَا تَخلُفُ من بعدِهِم خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفعَلُونَ، ويَفعَلُونَ مَا لَا يُؤمَرُونَ، فَمَن جَاهَدَهُم بِيَدِهِ فُهُوَ مُؤمِنٌ, وَمَن جَاهَدَهُم بِلِسَانِه فَهُو مُؤمِنٌ، وَمَن جَاهَدَهُم بِقَلبِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلَيسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبّةُ خَردَلٍ).وَقَالَ أَيضًا: (سيّدُ الشّهدَاءِ حَمزَةُ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ, وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ) .فَهَنِيئًا لِمَن خَرَجَ بِهَذِهِ النيّةِ العَظِيمَةِ، فَإِن قُتِلَ فَسَيّدُ الشُّهَدَاءِ، وَإِن عَاشَ فَبِعِزِّ وَإِبَاء، فَانصُرُوا الحَقَّ وَلَا تُبَالُوا.
*   *   *
ونلحظ من هذه الكلمات الطيبة - والتي تعتبر من آخر ما كتبه رحمه الله - الآتي:
(1)         فرح الشيخ بن لادن - رحمه الله - بالثورات العربية، وهبة الشعوب لدفع الظلم، مثلما فرح كل مخلص صادق.
(2)         التأكيد المستمر على الخطاب الودي والتضامني مع الأمة بكل مكوناتها، والتأدب والرأفة في النصيحة.
(3)         التأكيد على "غاية وهدف الثورة" فهي ثورة من أجل العزة والإباء والتحرر من الطغاة.
(4)         السعي لجمع كلمة المسلمين - من الصادقين - في مجلس شورى ورأي، ليأخذوا هم زمام القيادة الفكرية والحركية للأمة.
(5)         تأكيده على المواجهة "العلمية المنهجية" من خلال مراكز الأبحاث، مثلما يحاربنا الغرب بـ "المعرفة" قبل "المسدس".
(6)         تحديد الخطوات اللازمة لـ "حماية الثورة" وتحقيق أهدافها، ولم يُُفصل في هذا الموضوع الهام، وتركه لأهله.
(7)         تأكيده على وحدة الأمة، ومشروعها العالمي - وليس القومي أو المحلي - في نصرة باقي الشعوب المظلومة، والتي لا تجد فرصة بعد، والتعاون معها للقيام بثورتها.
(8)         التأكيد على "تصحيح المفاهيم" وثورة الوعي، لإدراكه مدى عملية التغريب والتجهيل التي يمارسها العدو على الأمة.
(9)         حديثه عن آثار "أمراض الاستبداد" وما أفسدته في الأمة من إنسانية وكرامة وفكر وحياة، من خلال التحالف الملعون بين الحُكام ورجال الدين، وشرعنة الاستبداد والظلم والفساد والطغيان.
(10)     تأكيده على طريقة المواجهة بـ "الجهاد" باليد واللسان والقلب، وتصحيح النوايا نحو نصرة دين الله، ونصرة الحق وأهله.
*   *   *
ولم تنتبه الأمة لنصائح الشيخ، وها نحن نرى الآن مآلات الثورات العربية في كل البلدان التي قامت فيها، تم القضاء عليها بوحشية منقطعة النظير.. وأظهرت الثورات مدى خطورة وكارثية "أمراض الاستبداد" التي تتقلب فيها الأمة، وتعاني منها، وتقطع عنها كل فرص النجاح.
وفشلت الثورات في بعض البلدان: لـ "غياب الحرس الثوري" - الذي يحمي الثورة - ولـ "التهاون مع العدو"، وعدم الضرب في سويدا قلب العدو، والقضاء عليه تماماً، فلا تقوم له قائمة بعدها؛ فتم الانقلاب على الثورات.
وفشلت الثورات المسلحة: لحضور "الصراع على المُلك" و"العقلية السلفية" التي تُحبط ثمرة الانتصارات بعد البطولات العظيمة، والبسالة الفريدة.
وبالجملة فشلت الثورات جميعها لغياب "الفقه السياسي الإسلامي" الصحيح، فالعقلية السلفية تمنع ابتداء الاقتراب من هذا الفقه لتقديسها لـ "فقه الملك العضوض".. والعقلية الغير سلفية الإسلامية، لا تعطي كبير اهتمام لذلك الموضوع، فهي ترى في النظام الحديثة والديمقراطية بغيتها، وفي النهاية فشل الجميع.
ونلحظ أن السلمية فشلت، والتسلح على وشك الفشل إذ لم نتدارك الأخطاء !
وإن طريقة مواجهة العدو لنا في طريق تحررنا.. وجدناه لا يفرق بين سلمي ومسلح، الجميع عدو، والجميع يجب أن يذل ويخضع ويعطي فروض الولاء والطاعة، ووجدناه يُشعل علينا "حرباً عالمية" لا تُبقي ولا تذر، ولا ترقب في إنسان ذمة ولا إنسانية ولا رحمة..
ومن ذلك العداء المتوحش والحرب العالمية.. نفهم أنه لا مفر من مواجهة هذه الحرب بنفس طريقة وأسلوب العدو، فلن تنفع المقاومة المحلية، ولن ينفع افتراق الأمة، ولن ينفع انفصال مشروع الأمة وتشتته - إن كان ثمة مشروع لها - ولن يصح للأمة طريق وهي تعاني من "أمراض الاستبداد" هذه، ولن يستقيم لها منهج والبأس بينها شديد، ويَكفر بعضها بعضاً، ويلعن بعضها بعض، ويحارب بعضها بعضاً !!
إنه لا مفر من "الجهاد العالمي" المقرون بـ "ثورة الأمة" والغير منفصل عنها، أو الغائب عن واقعها.. الجهاد الذي يُتمم بعضه بعضاً - بعيداً عن "تراث الملك العضوض" - والذي يستطيع مفكروه ورجاله إخراج "الفقه السياسي والجهادي" الصحيح والراشدي.
فهل يا ترى ستنجح الأمة في هذا الطريق.. أم ستغرق في مخطط تقسيم "الشرق الأوسط الجديد" - ليكون سايكس بيكو الثانية - لتُعيد حلقات جديدة من التيه والعبث ؟!
*   *   *
موضوعات ذات صلة:
-                 إشكاليات العقلية السلفية.
-                 الشرق الأوسط الجديد.
-                 الثورة الإسلامية.
-                 كتاب "أمراض الاستبداد" تحت الإعداد.

*   *   *

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

منهجية البحث عند سيد قطب

هل كان النبي سباباً؟!

معالم الشخصية الحزبية